تعريف الوقف اصطلاحا
  • Register
الثلاثاء، 06 شوال 1445
الموافق لـ : 16 أبريل 2024
 

     1. تعريف الوقف شرعا:

      للوقف تعريفات عديدة، تباينت باختلاف رؤى الفقهاء من المذاهب الأربعة، استنبطت من الخصوصيات التي أكد عليها النبي، وأصحابه الكرام رضوان الله عليهم،و بالتالي فقد جاءت منتظمة على النحو التالي:

          أ- مذهب الحنفيــــة:

         بالنظر إلى اختلاف فقهاء الحنفية في حكم الوقف من حيث اللزوم و عدمه، وملكية العين الموقوفة ، فقد جاءت تعريفاتهم له يكتنفها نوع من الاختلاف في شق منها، ومتفقة في شق لآخر، ومن بين ما اتفقت مع إمام المذهب، ما جاء في أحدها الذي ذهب مذهب القول بأن الوقف: "حبس العين على ملك الواقف، والتصرف بمنفعتها، أو صرف منفعتها إلى من أحب" (الشلبي، شهاب الدين أحمد، حاشية على تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، ج 3 / ص: 324.)
        واستنادا إلى ذلك، يستشف من هذا التعريف على أنه "لا يزول ملك الواقف عن الوقف،إلا بحكم الحاكم، أو يعلقه بموته فيقول إذا مت وقفت داري على كذا "، ( إبن الهمام، كمال الدين أحمد عبد الواحد السيواسي، فتح القدير، ج 6، ص:203).

          ب- مذهب الشافعية:            

         يراد بالوقف شرعا في ضوء توجه هذا المذهب على أنه "حبس مال يمكن الإنتفاع به، مع بقاء عينه، بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح" (الهيتمي، أحمد بن حجر، تحفة المحتاج بشرح المنهاج، ج 6، ص: 235). وأضاف إليه أحد الفقهاء الشافعية العلامة شمس الدين الرملي قيدا للمصرف المباح بقوله بأن يكون " موجودا". ( نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ، ج 5،ص: 385).
 

          خ- مذهب الحنابلـة:
          يرى أحد أصحاب هذا المذهب على أن الوقف شرعا "تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة" (عبد الله بن أحمد بن قدامة)، في مقابل ذلك يرى آخر على أن الوقف" تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرفه وغيره في  رقبته، يصرف ريعه إلى جهة بر، تقربا إلى الله تعالى" (ابن النجار، منتهى الإرادات، تحقيق  عبد الغني عبد الخالق، دار الجيل، القاهرة.).

          د- مذهب المالكيـة:       

          بخصوص هذا المذهب، ذهب الفقيه العلامة ابن عرفة إلى القول بأن الوقف "إعطاء منفعة شيء مدة وجوده، لازما بقاؤه عل ملك معطيه ولو تقديرا"، (شرح حدود ابن عرفة، تحقيق محمد أبو الأجفان والطاهر المعموري، ج 2، ص: 539).
         ويشير أحد فقهاء المالكية العلامة أبو عبد الله محمد الأنصاري المشهور ب "الرصاع" على أن فقهاء بعضهم يعبر بالحبس، وبعضهم بالوقف، غير أن الوقف عندهم أقوى في التحبيس، وهما في اللغة مترادفتان، فيقال وقفته، ويقال حبسته، والحبس يطلق على ما وقف، ويطلق على المصدر وهو الإعطاء.
        ويستفاد من تعاريف الوقف لدى عند المالكية، على أنه متى تم الوقف فإنه يمنع على الواقف التصرف في العين الموقوفة، مع إلزامية التصدق بالمنفعة مع بقاء العين على ملك الواقف، أي أن الوقف لا يخرج العين الموقوفة عن من ملك الواقف بل تبقى في ملكيته، لكن يمنع عليه التصرف فيها بالتصرفات الناقلة للملكية، كما لا يجوز له الرجوع فيه.

 2. تعريف الوقف قانونا:      

         إن محاولة التصدي  لوضع  تعاريف  محددة ليس فقط عملا فقها محضا، لصياغة أحكام خاصة به تنسجم مع فرادته، بل إن ذلك انتقل إلى العديد من التشريعات العربية، التي بدورها لم تخرج عن هذا السياق العام، والتي كان للاختلافات الفقهية المذهبية فيها دور مؤثر في في صياغة الأحكام العامة لنظام الوقف.
        ومن بين هذه التعريفات ما ذهب إليه  المشرع السوداني من خلال قانون ديوان الأوقاف القومية لسنة 2008 الذي نص في الفصل الأول منه المتعلق بالأحكام التمهيدية على أن الوقف "يقصد به حبس الأصل وتسبيل ريعه أو ثمره، والتصرف بمنفعته في الحال والمآل، سواء أكان خيريا أو أهليا أو مشتركا".
         بالمقابل، نصت المادة الثالثة من القرار الجمهوري بالقانون رقم 23 لسنة 1992 اليمني على أن الوقف "حبس مال، والتصدق بمنفعته أو ثمره على سبيل القربة تأبيدا، وهو نوعان: 1- وقف أهلي ، 2- ووقف خيري ".
     في حين ذهب القانون الأردني رقم 43 لسنة 1976 بموجب المادة 1233 منه إلى التنصيص على أن "الوقف حبس عين المال المملوك عن التصرف، وتخصيص منافعه للبر ولو مآلا ".
        واستنادا لذلك، يبدو من جماع التعاريف السابقة لبعض الأنظمة العربية أنها جاءت متأثرة في غالبيتها بطبيعة المذهب الفقهي المأخوذ به لديها.
     أما بالنسبة للتشريع المغربي الذي نظم مؤسسة الأوقاف في إطار قانوني أوسع وأشمل بحكم أنه خصه بمدونة خاصة  " Code spécial"، أسماها "مدونة الأوقاف"، وهي بحق تعد تجربة قانونية فريدة، فقد تعرض لتعريف الوقف،من خلال نص المادة الأولى من هذه المدونة بقولها بأن  "الوقف كل مال حبس أصله بصفة مؤبدة أو مؤقتة، وخصصت منفعته لفائدة جهة بر وإحسان عامة أو خاصة، ويتم إنشاؤه بعقد أو بوصية أو بقوة القانون ".
        وعلى كل فهذا المدخل المجمل والمختصر لتعريف الوقف لغة واصطلاحا، في جانبه الفقهي والقانوني، يعد فقط محاولة لملامسة هذا النظام، وفي الوقت ذاته دعوة للباحثين الشرعيين والقانونيين للمزيد في السعي لسبر أغواره باعتماد مقاربة (شرعية_قانونية)،خصوصا، وأن هذا النظام إن كان قد تجدر أصله في التشريع الإسلامي، فقد أضحى اليوم له فروعا في التشريعات الوضعية العربية، اقتضت تقنين أحكامه، بمراعاة موجبة لخصوصياته الشرعية، لتعدد وظائفه وأدواره سواء أكانت دينية، اجتماعية، مع تطويره كآلية تمويلية واستثمارية.

VISOTORS"

اليوم 28

الأمس 56

هذا الأسبوع 84

هذا الشهر 643

الكل 69076

CONTACTUS

location icon75 زنقة سبو٬ أكدال٬ الرباط - المغرب

PHONE ICON 50 26 27 37 5 212+

FAX ICON 55 26 27 37 5 212+

EMAIL ICON عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

joinus

يعدّ إحداث المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة ثاني تجربة يعرفها المغرب في مجال إسناد مهام مراقبة التدبير المالي للأوقاف العامة إلى مؤسسة مستقلة عن الوزارة الوصية، حيث كانت التجربة الأولى من خلال "المجلس الأعلى للأحباس" الذي أحدث بموجب الظهير الشريف الصادر بتاريخ 16 جمادى الثانية 1332 الموافق لتاريخ 12 ماي 1914.